منذ 2 أيام
ما حقيقة انتشار «الالتهاب السحائي» بمصر؟
أثارت وفاة 4 أشقاء في محافظة المنيا (جنوب القاهرة) مخاوف من انتشار مرض «الالتهاب السحائي» الذي يصيب الأطفال في البلاد، لكن وزارة الصحة المصرية نفت أن تكون الإصابة بذلك الالتهاب سبباً للوفاة الجماعية، مؤكدة عدم وجود دليل طبي يدعم تلك الفرضية، ونوهت بالتحقيق في الواقعة.
وتوفي أشقاء أربعة أعمارهم (5 و7 و10 و11 عاماً)، السبت، عقب نقلهم إلى مستشفى ديرمواس المركزي بمحافظة المنيا، ووفق وسائل إعلام محلية، تلقت أجهزة الأمن بلاغاً من المستشفى بإصابة الأطفال الأربعة بأعراض متشابهة، أبرزها حمى شديدة وصداع، وتيبس الرقبة، وقيء وحساسية. وبينما لم تُعْلَن رسمياً أسباب الوفاة، انتشرت أنباء عبر منصات التواصل الاجتماعي عن إصابتهم بـ«الالتهاب السحائي».
أين الحقيقة يا بلد.!؟أربعة أطفال في عمر الزهور..توفوا..ولا أحد يعلم..سبب الوفاة..قيل بسبب إصابتهم بمرض الالتهاب السحائي...نتيجة لاصابتهم بالحمي.. طيب إذا كان هذا صحيحاً... لماذا لم يتم احتجازهم بمستشفى الحميات.. بدلا من مستشفى ديرمواس العام...!....ثم قيل.. أن هنآك أسبابا أخري..
— Kamal Yonis (@KamalYonis1) July 13, 2025
لكن «الصحة المصرية» نفت في بيان رسمي، الأحد، أن تكون الإصابة بـ«الالتهاب السحائي» هي سبب وفاة الأشقاء الأربعة، مؤكدة أن «ما يشاع عن وفاة 4 أشقاء في التوقيت نفسه بسبب (الالتهاب السحائي) عارٍ من الصحة وغير موثق علمياً»، وأنه «لا يوجد دليل طبي يدعم حدوث الوفيات في توقيت واحد بالأمراض المعدية».
وأوضحت: «في حالات التفشي الأسري، تكون الوفيات متقاربة زمنياً (ضمن أيام)، وليست متطابقة في يوم واحد مثلما حدث في هذه الواقعة»، فضلاً عن أن «استجابة الأجسام للعدوى تختلف حسب العمر، والمناعة، والعبء الفيروسي، ما يجعل الوفاة في توقيت واحد لـ4 أشقاء غير منطقية طبياً».
أصدرت وزارة الصحة والسكان، بياناً رسمياً بشأن الإلتهاب السحائي، حرصاً منها على تعزيز الشفافية وإحاطة المواطنين بالمعلومات الدقيقة والموثقة علمياً حول مرض الالتهاب السحائي، وتجنباً لتداول أي معلومات غير صحيحة أول مضللة.التفاصيل:
— وزارة الصحة والسكان المصرية (@mohpegypt) July 13, 2025
واستبعد الوكيل السابق لمستشفى حميات العباسية استشاري الحميات الدكتور محيي الدين إسماعيل أن يكون سبب وفاة الأشقاء الأربعة الإصابة بـ«الالتهاب السحائي»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من غير المنطقي علمياً أن يموت الأربعة في وقت واحد، كما أن الأعراض تتشابه مع كثير من الأمراض»، ويمكن أن يكون قد حدث لهم «تسمم غذائي، لكن هذا أمر تحسمه العينات».
مستشفى ديرمواس المركزي بالمنيا
وبحسب إسماعيل، فإن «(الالتهاب السحائي) غير مُعْدٍ في معظم أنواعه، ويوجد نوع بكتيري واحد مُعْدٍ، لكن كل الأنواع لها أدوية للعلاج وأمصال للوقاية»، مستبعداً أيضاً «انتشار المرض في مصر»، وقال: «لا يمكن أن ينتشر المرض فجأة دون أن يتم رصده بجميع وسائل الرصد».
وأوضحت وزارة الصحة في بيانها أن «(الالتهاب السحائي) هو مرض ينتج عن التهاب الأغشية المحيطة بالمخ والحبل الشوكي (السحايا)، وقد يكون ناتجاً عن ميكروبات (بكتيريا، وفيروسات، وفطريات، أو طفيليات)، أو لأسباب غير ميكروبية مثل (الأورام، والأدوية، والعمليات الجراحية، أو الحوادث»، مؤكدة أن «النوع البكتيري المعدي نجحت مصر في السيطرة عليه منذ عام 1989، حيث انخفض معدل الإصابة إلى 0.02 حالة لكل 100,000 نسمة، بفضل جهود الترصد والتطعيمات الوقائية، ولم يتم رصد أي حالات وبائية من النمطين البكتيريين بين طلاب المدارس منذ عام 2016، نتيجة استراتيجية التطعيمات الفعالة».
وأكدت وكيل وزارة الصحة بمحافظة المنيا الدكتورة نادية مكرم أن «فريقاً من الطب الوقائي باشر إجراءاته فور الإبلاغ عن واقعة وفاة 4 أطفال أشقاء، حيث تحرك الفريق على الفور إلى المستشفى وإلى منزل الأسرة، وتم اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية وسحب العينات اللازمة التي أُرسلت إلى المعامل لتحليلها».
وقالت في تصريحات صحافية إن «السبب الدقيق للوفاة لا يزال قيد التحليل المخبري»، مؤكدة أن «المعطيات السريرية المتوافرة لا تدعم احتمال وفاة الأطفال بالالتهاب السحائي».
قوافل طبية بمحافظة المنيا (مديرية الشؤون الصحية بالمنيا)
وطمأنت وزارة الصحة المواطنين مؤكدة أن «نظام الترصد الصحي المتكامل يعتمد على شقين أولهما الترصد الروتيني الذي يتم من خلال متابعة البلاغات اليومية من جميع المنشآت الصحية، وتقديم الرعاية الفورية (تشخيص وعلاج) مع تسجيل النتائج إلكترونياً، وتقديم الوقاية الكيميائية (مثل عقار الريفامبسين) للمخالطين لمدة 10 أيام»، بينما يعتمد الشق الثاني على «الترصد في المواقع المختارة، الذي يتم من خلال فحص عينات السائل النخاعي في 12 مستشفى حميات في المعامل المركزية المعتمَدة من منظمة الصحة العالمية».
ويرى المقرر المساعد لـ«لجنة الصحة» في «الحوار الوطني» المصري الدكتور محمد حسن خليل، أنه ثمة إجراءات يجب اتخاذها بصرف النظر عما إذا كان «الالتهاب السحائي» سبب وفاة الأشقاء الأربعة أو لا.
وضمن الإجراءات، وفق خليل الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، «العزل، فكل من تظهر عليه نفس الأعراض التي أودت بحياة الأطفال الأربعة يجب أن يخضع للعزل بأشكاله المختلفة، سواء كان عزلاً بالمنزل أم بمستشفى، ثم تشخيص الحالات إلى أن يتم تشريح جثث الأطفال لتأكيد سبب الوفاة»، وفي رأي خليل، فإن «مجرد الشك في انتشار أي مرض مُعْدٍ يستعدي تطبيق بروتوكولات الوقاية».